فصل: (سورة الجاثية: الآيات 12- 15).

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



نفسي بشيء من الدنيا معلقة ** اللّه والقائم المهدي يكفيها

حيث أراد عتبة هذا وقد كنى أبو العتاهية بالشيء عن جارية من حظايا المهدي اسمها عتبة ولذلك أعاد عليه الضمير مؤنثا وبعده:
إني لأيأس منها ثم يطمعني ** فيها احتقارك للدنيا وما فيها

ومعنى البيتين أنه لا يريد من الدنيا غير هذا الشيء والقائم بالأمر يكفيها أي يكفيني تلك الحاجة أو يكفي نفسي ما تريد واللّه بقطع الهمزة لأن أول المصراع محل ابتداء في الجملة. ثم أنا أيأس منها فأقطع طمعي منها ثم أطمع فيها ثانيا بسبب احتقارك للدنيا وما فيها وهو مدح بنهاية الكرم وروي أنه كتب ذلك في ثوب وأدرجه في برنية وأهداها للمهدي فهمّ بدفعها إليه فقالت الجارية أتدفعني إلى رجل مكتسب فأمر بملء البرنية مالا ودفعها إليه فقال للخزّان إنما أمر لي بدنانير فقال له الخزّان نعطيك دراهم واختلفا. فقالت لوكان عاشقا لما فرّق بينهما.

.[سورة الجاثية: الآيات 12- 15].

{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ ولتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) قُلْ لِلَّذِينَ آمنوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)}.

.الإعراب:

{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ} كلام مستأنف مسوق للاعتبار بتسخير البحر على عظمته والسفن الجارية فيه لمخلوق هو أضأل شيء بالنسبة لهما و{اللّه} مبتدأ و{الذي} خبره وجملة {سخر} صلة و{لكم} متعلقان بسخر و{البحر} مفعول به واللام للتعليل وتجري فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بتجري أيضا و{الفلك} فاعل و{بأمره} حال.
{ولتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} عطف على ما تقدم ولعلّ واسمها وخبرها.
{وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} الواو عاطفة والجملة عطف على سابقتيها و{جميعا} حال من {ما} ووهم الجلال وتبع في إعرابه ابن مالك حيث عدّها من المؤكدات. فأعربها توكيدا لما الموصولة الواقعة مفعولا لسخر ولو كان كذلك لقيل جميعه ثم التوكيد بجمع قليل فلا يحمل عليه التنزيل. ومنه حال أي سخرها كائنة منه تعالى وحاصلة من عنده. وأجاز الزمخشري أن يتعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف تقديره هي جميعا منه.
{إِنَّ فِي ذلِكَ لآيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} {إن} حرف مشبه بالفعل و{في ذلك} خبرها المقدم واللام للتأكيد وآيات اسم إن المؤخر و{لقوم} صفة لآيات وجملة {يتفكرون} صفة لقوم.
{قُلْ لِلَّذِينَ آمنوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} {قل} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت و{للذين} متعلقان بقل وجملة {آمنوا} صلة الموصول لا محل لها و{يغفروا} فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب تشبيها بالشرط والجزاء كقولك قم تصب خيرا وقيل هو على حذف اللام وقيل على معنى قل لهم اغفروا يغفروا فهو جواب أمر محذوف دلّ عليه الكلام وقد تقدم القول مسهبا في قوله تعالى: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة} في سورة إبراهيم فجدد به عهدا. و{للذين} متعلقان بيغفروا وجملة {لا يرجون} صلة الموصول و{أيام اللّه} مفعول وسيأتي معنى {أيام اللّه} في باب الفوائد. و{ليجزي}: اللام للتعليل ويجزي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بيغفروا لأنه علّة لها و{قوما} مفعول به والفاعل مستتر تقديره هو يعود على اللّه و{بما} متعلقان بيجزي وما يجوز أن تكون موصولة أو مصدرية وكان واسمها وجملة {يكسبون} خبرها. وسيأتي سر تنكير قوما في باب البلاغة.
{مَنْ عَمِلَ صالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} {من} شرطية في محل رفع مبتدأ والجملة مستأنفة مسوقة لبيان كيفية الجزاء و{عمل} فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والفاعل مستتر يعود على من وصالحا مفعول به أو نعت لمصدر محذوف.

.البلاغة:

في قوله تعالى: {ليجزي قوما بما كانوا يكسبون} التنكير فقد نكر {قوما} وهم معروفون. وقد اختلف الرواة وأصحاب السير فيهم مما يمكن الرجوع إليه في مظانه وإنما جنح إلى التنكير تعظيم رب لوقائعهم المشهورة على حدّ قول السموأل:
وأيامنا مشهورة في عدونا ** لها غرر معلومة وحجو ل

وقال ظالم بن البراء الفقيمي في يوم ذي بهدى بوزن سكرى:
ونحن غداة يوم ذوات بهدى ** لدى الوتدات إذ غشيت تميم

ضربنا الخيل بالأبطال حتى ** تو لت وهي شاملها الكلوم

وقال جرير للأخطل. يعيّره بذلك اليوم:
هل تعرفون بذي بهدى نوار سنا ** يوم الهذيل بأيدي القوم منتشر

وارجع إلى الأغاني والعمدة ففيهما تفصيل واف لأيام العرب في الجاهلية والإسلام.

.[سورة الجاثية: الآيات 16- 21].

{ولقد آتينا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (16) وآتيناهم بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها ولا تَتَّبِعْ أَهواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أولياءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وليُّ الْمُتَّقِينَ (19) هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (21)}.

.الإعراب:

{ولقد آتينا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} كلام مستأنف مسوق لإعلام النبي صلى الله عليه وسلم أن السبيل التي يتمشى عليها قومه هي السبيل التي تمشى عليها من تقدمهم من الأمم. واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق و{آتينا} فعل وفاعل و{بني إسرائيل} مفعول به أول و{الكتاب} مفعول به ثان {والحكم والنبوّة} معطوفان على {الكتاب}.
{وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ} {ورزقناهم} عطف على {آتينا} وهو فعل وفاعل ومفعول به و{من الطيبات} متعلقان برزقناهم {وفضلناهم على العالمين} عطف على ما تقدم ومعنى التفضيل أنه لم يؤت غيرهم مثل ما آتيناهم.
{وآتيناهم بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} عطف أيضا و{بينات} مفعول به ثان وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم و{من الأمر} صفة لبيّنات أي دلائل ظاهرة في أمر الدين. {فما} الفاء عاطفة وما نافية و{اختلفوا} فعلى وفاعل و{إلا} أداة حصر و{من بعد} متعلقان باختلفوا و{ما} مصدرية مؤولة مع ما بعدها بمصدر مجرور بالإضافة و{جاءهم العلم} فعل ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر و{بغيا} مفعول من أجله و{بينهم} ظرف متعلق بمحذوف صفة لبغيا. {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} إن واسمها وجملة {يقضي} خبرها و{بينهم} ظرف متعلق بيقضي و{يوم القيامة} متعلق بمحذوف حال و{فيما} متعلقان بيقضي أيضا وجملة {كانوا} صلة وجملة {يختلفون} خبر كان و{فيه} متعلقان بيختلفون.
{ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها} {ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي والكلام مستأنف و{جعلناك} فعل وفاعل ومفعول به أول و{على شريعة} في موضع المفعول الثاني والشريعة في الأصل ما يرده الناس من المياه والأنهار فاستعير ذلك للدين والعبادة لأن العباد يردون ما تحيا به نفوسهم و{من الأمر} نعت لشريعة والفاء عاطفة واتبعها فعل أمر وفاعل ومفعول به.
{ولا تَتَّبِعْ أَهواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} الواو حرف عطف و{لا} ناهية و{تتبع} فعل مضارع مجزوم بلا الناهية و{أهواء} مفعول به و{الذين} مضاف إليه وجملة {لا يعلمون} صفة.
{إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} الجملة لا محل لها لأنها تعليل للنهي عن اتباع أهوائهم وإن واسمها وجملة {لن يغنوا} خبرها و{عنك} متعلقان بيغنوا و{من اللّه} متعلقان بيغنوا أيضا و{شيئا} مفعول. {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أولياءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وليُّ الْمُتَّقِينَ} الواو عاطفة وإن واسمها و{بعضهم} مبتدأ و{أولياء بعض} خبر والجملة خبر إن و{اللّه} مبتدأ و{وليّ المتقين} خبر.
{هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} {هذا} مبتدأ و{بصائر} خبره وجمع الخبر باعتبار ما ينطوي عليه المبتدأ وهو القرآن من آيات ودلائل واضحات و{للناس} صفة لبصائر {وهدى ورحمة} معطوفان على {بصائر} و{لقوم} نعت وجملة {يوقنون} نعت لقوم والجملة كلها مستأنفة.
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} {أم} منقطعة بمعنى الهمزة وبل والكلام مستأنف مسوق لبيان تغاير حالي المسيئين والمحسنين. و{حسب} فعل ماض و{الذين} فاعله وجملة {اجترحوا السيئات} صلة وأن وما في حيزها في تأويل مصدر سدّت مسدّ مفعولي {حسب} و{نجعلهم} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن والهاء مفعول نجعل الأول و{كالذين} في موضع المفعول الثاني وجملة {آمنوا} صلة {وعملوا الصالحات} عطف على {آمنوا}.
{سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ} {سواء} حال من الضمير المستتر في الجار والمجرور وهما {كالذين آمنوا} والمعنى أحسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم مثل الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال استواء محياهم ومماتهم والاستفهام بمعنى الأنكار والنفي و{محياهم} فاعل بسواء و{ساء} فعل ماض للذم و{ما} هنا مصدرية مؤولة مع ما بعدها بمصدر هو فاعل ساء أو ما نكرة تامة بمعنى شيء في محل نصب على التمييز وفاعل ساء مستتر تقديره هو.

.الفوائد:

1- مبكاة العابدين: هذه الآية {أم حسب الذين اجترحوا السيئات} إلخ. تسمى مبكاة العابدين. وعن تميم الداري رضي اللّه عنه أنه كان يصلي ذات ليلة عند المقام فبلغ هذه الآية فجعل يبكي ويردّد إلى الصباح ساء ما يحكمون. وكان الفضيل بن عياض يقول لنفسه: ليت شعري من أيّ الفريقين أنت؟
2- قراءة ثانية للآية: هذا وقد قرئ {سواء محياهم ومماتهم} بالرفع فسواء خبر مقدّم و{محياهم} مبتدأ مؤخر وقد اختلف في إعراب هذه الجملة فقال الزمخشري أنها بدل من الكاف لأ الجملة تقع مفعولا ثانيا فكانت في حكم المفرد وردّ عليه أبو حيان قائلا: وهذا الذي ذهب إليه الزمخشري من إبدال الجملة من المفرد قد أجازه أبو الفتح واختاره ابن مالك وأو رد على ذلك شواهد على زعمه ولا يتعين فيها البدل. إلى أن يقول: والذي يظهر لي أنه إذا قلنا بتشبث الجملة بما قبلها أن تكون الجملة في موضع الحال والتقدير أم حسب الكفار أن مصيرهم مثل المؤمنين في حال استواء محياهم ومماتهم ليسوا كذلك بل هم مفترقون أي افتراق في الحالتين وتكون هذه الحال مبينة ما انبهم في المثلية الدال عليها الكاف التي هي في موضع المفعول الثاني.

.[سورة الجاثية: الآيات 22- 26].

{وخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ولتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (22) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هواه وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23) وَقالوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (24) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالوا ائْتُوا بِآبائنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (25) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ ولكن أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (26)}.

.الإعراب:

{وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} لك أن تجعل الكلام معطوفا على ما تقدم ليكون بمثابة الدليل على نفي الاستواء بين الفريقين ولك أن تجعله استئنافا مسوقا لهذه الغاية. و{خلق اللّه السموات} فعل وفاعل ومفعول به و{الأرض} عطف على {السموات} و{بالحق} حال من الفاعل أو المفعول.
{ولتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} الواو عاطفة واللام للتعليل وتجزى فعل مضارع منصوب بأن مقدرة بعد لام التعليل والكلام معطوف على قوله: {بالحق} لأن كلا من الباء واللام تكونان للتعليل فكان الخلق معللا بالجزاء واختار الزمخشري أن يكون معطوفا على معلل محذوف تقديره ليدل بها على قدرته ولتجزى كل نفس. واختار ابن عطية أن تكون لام العاقبة أو الصيرورة أي وصار الأمر منها من حيث اهتدى بها قوم وضلّ بها آخرون وليس ببعيد. والواو للحال و{هم} مبتدأ وجملة {لا يظلمون} خبر والجملة في محل نصب على الحال.
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هواه وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ} الهمزة للاستفهام المقصود به الأمر أي أخبرني. ورأيت فعل وفاعل و{من} مفعول رأيت الأول والثاني محذوف تقديره مهتديا وجملة {اتخذ} صلة الموصول و{إلهه} مفعول أول لاتخذ و{هواه} مفعولها الثاني {وأضله اللّه} فعل ماض ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر و{على علم} حال من المفعول وهو أولى من جعله من الفاعل كما أعربه الجلال والمعنى أضله اللّه وهو عالم بالحق لأن المبالغة فيه أشد والتشنيع والتنديد به أكثر.
{وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً} عطف على ما تقدم وقد تقدم الكلام على هذه الآية في البقرة.
{فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} الفاء عاطفة ومن اسم استفهام بمعنى النفي. أي لا أحد يهديه. في محل رفع مبتدأ وجملة {يهديه} خبر و{من بعد اللّه} متعلقان بيهديه والهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة على محذوف مقدر أي تصرّون على الغيّ و{لا} نافية و{تذكرون} فعل مضارع حذفت إحدى تاءيه.
{وَقالوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ} الواو استئنافية والكلام مستأنف مسوق لتفنيد مزاعمهم إذ كانوا يزعمون أن هلاك الأنفس منوط بمرور الأيام والليالي. وسيرد المزيد من هذا البحث في باب الفوائد. و{ما} نافية و{هي} مبتدأ و{إلا} أداة حصر و{حياتنا} مبتدأ و{الدنيا} خبر وجملة {نموت} مستأنفة مسوقة لإيراد المزيد من عقائدهم الفاسدة وجملة {نحيا} عطف عليها والواو حالية و{ما} نافية و{يهلكنا} فعل مضارع ومفعول به مقدم و{إلا} أداة حصر و{الدهر} فاعل {يهلكنا}.
{وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} الواو للحال و{ما} نافية و{لهم} خبر مقدم و{بذلك} متعلقان بعلم و{من} حرف جر زائد و{علم} مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر و{إن} نافية و{هم} مبتدأ و{إلا} أداة حصر وجملة {يظنون} خبرهم.
{وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالوا ائْتُوا بِآبائنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} الواو عاطفة و{إذا} ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة {تتلى} في محل جر بإضافة الظرف إليها وهو مبني للمجهول و{عليهم} متعلقان بتتلى و{آياتنا} نائب فاعل و{بيّنات} حال أي واضحات الدلالة و{ما} نافية و{كان} فعل ماض ناقص و{حجتهم} خبر كان المقدّم و{إلا} أداة حصر و{أن قالوا} أن ومدخولها في تأويل مصدر في محل رفع اسم كان المؤخر والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم و{ائتوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{بآبائنا} متعلقان بائتوا والجملة مقول القول و{إن} حرف شرط جازم و{كنتم} فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط والجواب محذوف تقديره فائتوا و{صادقين} خبر {كنتم}.